
غربان السوء تتهم بمناسبة و غيرها المنظومة التربوية القديمة بأنها مفرخة الإرهاب، و رغم ان المدرسة في السبعينات و الثمانينات لم يكن وظيفتها التعليم فقط بل كانت تربي أيضا، أما عن الإرهاب فالمدرسة بريئة منه، و المتهم فيه هي تلك التعددية الفوضوية و الانفتاح الهمجي على كل شيء، فخرجت للعلن أحزاب عنصرية، و شياطين في مظهر الشيوخ سيطروا على المساجد، و من هنا بدأ الإرهاب الحقيقي، المدرسة القديمة لم يكن فيها التلميذ يحمل معه سكينا و يطعن به زميلا له او معلما كما يحدث اليوم، مدرسة زينة و مالك لم يكن فيها مالك يتعاطى الحبوب المهلوسة، و لم تكن زينة وهي في الثانوية تضع على وجهها ما ثقل و سطع لونه من ماكياج كما هو الحال اليوم، لم يكن يحدث كل هذا، ببساطة لأن كتاب القراءة كان فيه مالك و زينة يعلمون التلاميذ الفضيلة و معنى المحبة، اليوم و مع مخلفات بن غبريط فإن الإرهاب الحقيقي هو إنتاج جيل ممسوخ الهوية و الأخلاق و الفكر و هذا أكبر إرهاب تعرضت له المدرسة الجزائرية، فطيلة عقود في زمن مالك و زينة لم نكن نسمع أو حتى نتخيل أن يصل الأمر بأن يعتدي مالك على مصطفى أو يعتدي عمر على معلمته بسكين فكل ما كنا نتعلمه هو الأخلاق و الدين الإسلامي الذي يعلمنا الطهارة و حب الوطن و حب الإنسان لأخيه الإنسان، و كنا و نحن أطفالا في المدرسة الابتدائية نبدع في الكتابة و التعبير، تعبير يفوق مستواه اليوم مستوى رسائل التخرج في الجامعات من حيث جمالية النص و سموه، و بعدما خرجت المدرسة القديمة مهندسين و أطباء و خبراء ذاع صيتهم في العالم، فإن مدرسة بن (بوزيد غبريط) خرجت للبلاد مهندس لا بفرق بين الدائرة و المربع، و الطبيب لا يفرق بين رمد العين و البواسير، و الصحفي لا يفرق بين الأمم المتحدة و الولايات المتحدة و المصيبة الكبرى انه في المدرسة العصرية و في مخلفات بن غبريط صار التلميذ يحمل سكينا في محفظته و زميله يحمل حبوبا مهلوسة فيها، و من مخلفات المسخ التربوي انه صار في المدارس كائنات لا نعرف ان كانوا ذكورا أو اناثا، وسلام على مالك و زينة و باقي الشلة مصطفى و عمر و ليلى، و سلام على الأم في كتاب القراءة و الأب و المعلم فقد علمونا و ما زلنا نحفظ لهم الجميل إلى اليوم، و من لا يصدق ذلك من جيل اليوم ما عليه سوى البحث عن كتب القراءة في الزمن الغابر (ان وجدت) ليدرك أي مشروع مجتمع كان و أي جيل كان ويقارن الذي كان بالذي صار في زمن المسخ الغبريطي و مدرسة الأخلاق غير الحميدة و الرذيلة