إقتصادالرئيسيةالوطن

توريد القمح الى الجزائر يشعل تنافسا بين روسيا وفرنسا الممون التقليدي

أسماء. ي/

تتجه فرنسا لأن تخسر احدى أهم أسواقها بعد أن فتحت الجزائر الأبواب أمام القمح الروسي، وزادت مخاوف الزراعيين الفرنسيين اثر إبلاغ الجزائر متعالمين أوروبيين بتعديل شروط شراء هذه المادة من السوق الدولية، بما يتيح استيراد القمح المنتج في حوض البحر الأسود.

وبعد أن ظلت فرنسا هي المسيطرة على واردات الجزائر من القمح لعقود، جاءت تصريحات الديوان المهني الجزائري للحبوب، بأن “الجزائر تريد من الروس أن يكونوا أكثر جرأة إذا كانوا يريدون دخول سوق القمح لديها”، لتعلن بداية مرحلة “ضياع” أهم سوق للقمح الفرنسي، خاصة بعد أن رد نائب وزيرة الزراعة الروسي سيرجي ليفين، إن روسيا قادرة على بدء المشاركة في مناقصات القمح الجزائرية، بعد أن التسهيلات الجزائرية”.

وخففت الجزائر المواصفات الخاصة بإصابة القمح بالآفات بشكل يسمح بدخول قمح منطقة البحر الأسود، حيث رفعت في أيلول الماضي، الحد المقبول للإصابة بحشرة البق إلى 0.5 بالمائة في مناقصات شراء القمح بنسبة بروتين 12.5 بالمائة من 0.1 بالمائة، وهو المستوى الذي لم يكن يسمح لواردات روسيا وغيرها من منطقة البحر الأسود الوفاء به، بعد أن كان11 بالمائة عند 0.1 بالمائة.

تمسك بالسوق التقليدي الى حين؟

أستاذ الزراعة والاقتصاد الزراعي بفرنسا، لطفي غرناوط، يعتبر في تصريح لـ”الجزائر فيرست”، أن حصة القمح الفرنسي من واردات الجزائر متغيرة وتمثل حوالي 56 بالمائة كمتوسط، وقد بلغت 27 بالمائة في 2016، بينما ارتفعت الى 68 بالمائة في 2018، وعليه فان حصة القمح الفرنسي من واردات الجزائر متقلبة جدا، ومتعلقة بالإنتاج ومدى نجاح المواسم الفلاحية في فرنسا والجزائر، موضحا أنه في ظل ارتفاع فاتورة الاستهلاك وتأخر إقلاع الاقتصاد الجزائري بسبب اعتماده على التصدير أحادي الجانب، أي على النفط الذي يغطي 85 بالمائة من الواردات الجزائرية، وكذا تقلبات سوق النفط، واستمرار حملة مكافحة الفساد في الديوان الجزائري المهني للحبوب، وسياسة عقلنة الاستيراد، فإن الجزائر قررت تنويع مصادر استيراد القمح بتغيير الشروط المحددة لجودة هذه المادة، الأمر الذي فتح الباب أمام القمح الروسي الذي يعتبر تنافسي من حيث السعر، رغم أنه أقل جودة من نظيره الفرنسي.

ويواصل غرناوط، أن معيار الجودة يبقى الأهم في واردات الجزائر، وهو ما لا يمكن لروسيا ضمانه اليوم، ما يجعل الجزائر تتمسك بسوقها التقليدي فرنسا وأوروبا، وهذا ما أكدته آخر مناقصة طرحها الديوان الجزائري المهني للحبوب شهر تشرين الثاني، لاقتناء حصة 500 ألف طن، حيث وقع الاختيار رسميا على السوق الأوروبية مقسمة بين فرنسا، ألمانيا والبلطيق، مشيرا الى أن دفتر الشروط الجزائري بخصوص الحبوب يعتمد على معايير الجودة العالية والسعر المنخفض كأولوية في انتقاء الأسواق، و”القمح الروسي غير قادر في الوقت الحالي على المنافسة، بالرغم من تخفيف الشروط”.

القمح الفرنسي يفقد مكانته في الجزائر

واعتبرت جهات فرنسية أن القمح الفرنسي صار مهددا بفقدان مكانته الأولى في واردات الجزائر بعد تعديلها بنود استيراد هذه المادة لصالح روسيا، حيث تعتبر الجزائر الزبون الأول بواردات تصل الى ثلث صادرات فرنسا من القمح خارج أوروبا، وأضافت أن الصادرات الفرنسية من القمح نحو الجزائر تراجعت بواقع النصف خلال العام الجاري، وانتقلت من 5 ملايين طن إلى 2 مليون طن.

وتحتل الجزائر المرتبة الثالثة عالميا في استيراد القمح، وتبلغ نسبة الاستهلاك الفردي 100 كيلوغرام سنويا، وهو ضعف المعدل المسجل في الاتحاد الأوروبي وثلاثة أضعاف المعدلات في باقي دول العالم، مقابل انتاج محلي يقدر بحوالي 5.3 ملايين طن بعد ارتفاع المساحات الزراعية بـ20 في المائة.

جس النبض

وفي السياق، يرى الاعلامي المهتم بالشأن الاقتصادي، محمد وليد مدكور، في حديث لـ”الجزائر فيرست”، أن الجزائر تتواجد في مرحلة جس النبض للمتعامل الروسي، ولم تتنقل لمرحلة الاستيراد، وقال انه بالرغم من تخفيف بنود المناقصات الا أن الموردون الروس لا يستطيعون الاستجابة للتعديلات الجزائرية، لكن هناك مؤشرات ايجابية من الطرف الروسي بعد تصريح نائب وزير الزراعة، سيرجي ليفيين، بإمكانية دخول بلاده المناقصات، مشيرا الى أن الجزائر بخطوتها انما تبحث عن سوق جديد في روسيا لتصدير الخضر والفواكه واقامة شراكات رابح – رابح مع موسكو.

ويتساءل مدكور: هل هناك فعلا استراتيجية لتقليص استيراد القمح اللين والصلب والذرة؟، وأوضح أن توجه الجزائر للاستيراد من دول أخرى، يكشف عن غياب إرادة في التخلي عن استيراد هذه المادة، وكذا إهمال الشتلات الجزائرية العالمية للقمح الصلب التي اشتهرت بها مناطق الشرق الجزائري، معتقدا أن التبعية لفرنسا في مسألة القمح صعب الخروج منها في مدة قصيرة بتواجد لوبي يدافع عن المصالح الفرنسية، وتابع أنه رغم محاولة الحكومة تنويع مصادر وارداتها للتخلّص من التبعية لفرنسا إلا أن هذه المحاولات تصطدم في كل مرة، بعراقيل بيروقراطية وسياسية واقتصادية.

اظهر المزيد