بعد أن جمعتهم في لقاء ضخم.. أبوظبي تدفع لإنشاء جيش رقمي ضد مصالح الأمة
محمد. ي/
توسع نشاط الإمارات المريب المتعلق بدعم المنصات الرقمية في الآونة الأخيرة بشكل لافت، ما اثار الكثير من التساؤلات سيما أن أبو ظبي صارت معول هدم لاستمرار الدول العربية.
وسلط انعقاد “قمة المليار متابع” في نسختها الثانية المنعقدة مؤخرا في الامارات، الضوء مجددا على رهانات ابو ظبي المتعلقة بالمؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي وتحويلهم إلى بيادق في يدها لتنفيذ خططها الخبيثة، إذ يضع نظام بن زايد أموالا كبيرة لاستقطاب المؤثرين خدمة لاجندتها و تبريرا لقوانينها الشاذة عن المجتمع وأخلاق الإسلام، وسياستها البعيدة كل البُعد عن الإجماع العربي.
ولقد تمكن النظام الإماراتي بهذه الاستراتيجية من الترويج عبر وسائط التواصل الاجتماعي لتطبيعه مع الكيان الصهيوني، وإقامة علاقات كاملة معه ضد المصالح العليا للأمة، ووصل الأمر بهذا النظام إلى تبني المواقف الإسرائيلية دون تحفظ، بما في ذلك مساندة تل أبيب في حربها الدموية على غزة، وهو ما أثار الكثير من الانتقادات على مستوى المواطنين وكذا الشعوب العربية.
ومن أجل مواجهة الانتقادات، عمدت ابو ظبي إلى استغلال بيادقها من المؤثرين، الذين استطاعت احتواءهم و تمويلهم، حيث انتشرت المنصات والمواقع المروجة للتطبيع بشكل لافت، والتي خصصت مساحات واسعة للحديث عن التعايش مع الإسرائيليين وتبرير جرائمهم بحق الفلسطينيين، بل التشكيك في عدالة القضية الفلسطينية وقدسية المسجد، و كذا ضرب النضال الوطني والاجماع الفلسطيني.
وينتزع برنامج “ناس ديلي” لصانع المحتوى نصير ياسين، الغارق في التطبيع والذي ينتج ويبث محتوى تطبيعي ناعم، إسرائيل من سياقها الحقيقي وطبيعتها القائمة على الإجرام والتطهير العرقي، وبذلك يخدم مساعي الاحتلال الإسرائيلي لفرض نفسها ككيانٍ طبيعي.
وبالإضافة الى تلك المنصة الرقمية المُتصهينة في العالم العربي، يظهر المؤثر الإماراتي “أنس بوخش” في برنامجه “إيه بي توكس” (ABtalks)، والذي يسعى جاهداً للترويج إلى التطبيع مع إسرائيل بشتى الوسائل، وكذا “تتفيه” العقل الإماراتي، والتركيز على هوامش الأمور، ناهيك عن ابتعاده تماما على أي حديث قد يلامس قضايا المواطنين الإماراتيين، مكتفياً بالترفيه السطحي.
وتأتي استضافة ثلاثة آلاف مؤثر كل في دولته أو في المنطقة الناطق بلغتها، لها أهداف مرتبطة بالسياسة الخارجية في بلدانهم ومناطقهم، والتي أبرزها تحسين سمعة دولة الإمارات الخارجية وتبريرها، مع كل الضرر الذي أحدثته سياسات أبوظبي في المنطقة والعالم.
وتشير دراسة جديدة إلى أن أبوظبي كانت وراء حملة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي لتحسين صورتها عبر الإنترنت لجيل أصغر سنا، وتقول الدراسة بشأن المسؤولين في الإمارات “إنهم يعرفون ما يحتاجون إلى عرضه ليظلوا ملائمين في القرن الحادي والعشرين”.
و للإشارة فإن أبو ظبي خصصت غلافا ماليا لتلميع صورتها بقيمة 150 مليون درهم لصناع المحتوى، و حسب صحيفة “جولف نيوز”، فإن 94 بالمئة من المؤثرين في الإمارات يتقاضون رواتب تتراوح بين 1000 دولار و5000 دولار لكل منشور، في حين أن النسبة المتبقية البالغة 6 بالمئة قد يصل سعر المنشور الواحد إلى أكثر من 10 آلاف دولار.
ورغم محاولات تجميل الواقع الإماراتي الداخلي في مجال الحريات، من خلال عقد قمة المليار المتابع، فإن انتقادات حادة وجهتها منظمات حقوقية دولية لواقع الحريات في الإمارات، وعلى رأسها حرية التعبير على شبكة “الإنترنت”.
وقد ساهم بروز مؤثرين في العقد الأخير من عامة الناس وعدم خضوعهم لأي روابط، في اندفاع نظام بن زايد نحو استقطاب أكبر عدد من المؤثرين، حيث شارك في ملتقى منعقد مؤخرا في الامارات، نحو 7 آلاف ضيف، منهم 3 آلاف صانع محتوى ومؤثر من مختلف دول العالم، و100 رئيس تنفيذي، يتابعهم أكثر من 1.6 مليار شخص، ومسؤولون شركات صناعة محتوى، ما أثار التساؤلات لدى مراقبين حول تجميع تلك الأعداد الكبيرة من المؤثرين، و الإسراف في انفاق الملايين على ضيافتهم، إذ تم تخصيص 150 مليون درهم إضافية لدعم صندوق خاص بـ “صنّاع المحتوى”، ما يؤكد أن هناك مخططات و اهداف خطيرة في جعبة ابو ظبي تكمن وراء هذا الملتقى، وليس كما يتم الترويج له بأنه ملتقى الحضارات والثقافات، وسماع قصص تجاربهم، رغم أن غالبيتهم يوصفون بأنهم “سطحيون”.
و تفيد المعلومات أن الإمارات تهدف من وراء هذا الملتقى لاستخدامهم كمنصات لإنفاذ سياستها داخليا وخارجيا، و تجنيدهم باعتبارهم جيشا رقميا يعمل لصالحها، و توجهه وفق مصالحها الضيقة كيفما تشاء وفي الوقت الذي تريده.